
أصدرت محكمة تركية أحكاما بالسجن المؤبد بحق أربعة من عناصر الدرك، بعد إدانتهم بتعذيب مهاجرَين سوريَّين حتى الموت على الحدود الجنوبية للبلاد. الجريمة، التي وقعت في مارس/آذار 2023، تسلط الضوء من جديد على أوضاع المهاجرين وطالبي اللجوء عند الحدود السورية التركية.
أصدر القضاء التركي حكما مزدوجا بالسجن المؤبد على أربعة أفراد من قوات الدرك، بعد إدانتهم بتعذيب الشابَّين السوريَّين عبد الستار الحجار (19 عاما) وعبد الرزاق قسطال حتى الموت في مارس/آذار 2023، إذ دخلا الأراضي التركية بطريقة غير نظامية عبر الحدود مع سوريا. كما دانت المحكمة سبعة عسكريين آخرين بتهم “إتلاف وإخفاء أدلّة” و”إلحاق إصابات متعمّدة” وقضت بسجنهم حتى سبع سنوات ونصف، وفق نسخةٍ من الحكم اطّلعت عليها وكالة الأنباء الفرنسية.
بحسب لائحة الاتهام، كان عناصر الدرك المتمركزون بمحافظة هاتاي (جنوب تركيا) قد أوقفوا مجموعة من تسعة سوريين بعد تجاوزهم الجدار الحدودي. وعلى مدى ساعات، تعرّض الموقوفون للضرب بقضبانٍ حديدية وأُجبروا على شرب البنزين، ما أسفر عن مقتل الشابين المذكورين إلى جانب إصابة الآخرين بجروح خطرة استدعت نقلهم إلى أحد المستشفيات قبل أن يُرحَّلوا لاحقا إلى سوريا.
فتحت السلطات التركية تحقيقا جنائيا فور وقوع الحادثة، وأوقفت المشتبه بهم. ورأت المحكمة أنّ الوقائع “تشكّل تعذيبًا مفضيًا إلى الموت” وأكّدت تورّط المتهمين الأربعة “بشكل مباشر” في أعمال التعنيف القاتلة.
كانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد انتقدت سابقا في تقرير صادر لها، سياسة أنقرة القائمة على العنف التي تنتهجها قوات الحرس الحدودي ضد السوريين. وجدّدت دعوتها لأنقرة إلى وضع حدّ “لثقافة الإفلات من العقاب” في الشريط الحدودي السوري–التركي، لافتةً إلى “توثيق مئات القتلى والجرحى” خلال سنوات النزاع.
وأشارت المنظمة إلى أن عناصر مراقبة الحدود التركية يستخدمون العنف المفرط والتعذيب تجاه طالبي اللجوء والمهاجرين السوريين، حتى وصل الأمر إلى حالات إطلاق نار عشوائي. فقد استند التقرير إلى تحقيقات مستقلة أفادت بأن ما لا يقل عن 234 شخصا قُتلوا و231 أُصيبوا بجروح منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2015 إلى غاية نيسان/ أبريل 2023 ، معظمهم كانوا يحاولون العبور من الحدود. وقد سجلت 11 حالة وفاة و20 إصابة موثقة فقط خلال الأشهر الأولى من عام 2023.
واعتمدت تركيا أيضا سياسة ترحيل قسرية انتقدتها المنظمات الحقوقية، ومن بين الشهادات التي وثقها مهاجر نيوز، تعرض اللاجئ السوري خالد أبو الوليد، الذي كان عمره 33 عاما، حين تم ترحيله في عام 2023، ليجد نفسه عالقا في مدينة تل أبيض الحدودية شمال سوريا، رفقة المئات من المرحّلين.
ومن بين آخر عمليات الترحيل إلى سوريا حتى بعد سقوط نظام الأسد، كانت للناشط طه الغازي الذي عرف عنه مساندته للاجئين السوريين وعمله الدؤوب لمناصرة قضاياهم. وكان قد كتب على حسابه على فيسبوك قبل نحو شهر تقريبا “الحمد لله، أنا الآن في معبر باب السلامة، وذلك بعد صدور قرار ترحيلي من الأراضي التركية”. وما لبث أن أعرب عن سعيه “للبقاء على قنوات التنسيق والتواصل مع الأطراف والهيئات والمنظمات الحقوقية التركية بغية إيقاف الانتهاكات التي يتعرض لها ‘اللاجئ’ السوري في بعض مراكز الترحيل والهجرة“.
ومنذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، لجأ ملايين السوريين إلى تركيا، ما دفع أنقرة إلى إقامة جدارٍ حدودي طويل مع سوريا وإحكام الرقابة. وتشير الأرقام الرسمية إلى أنّ نحو 2.7 مليون سوري ما زالوا يقيمون في تركيا، بينما تجاوز عدد الذين عادوا إلى بلدهم 275 ألفًا منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي. وخلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاما، استضافت تركيا حوالي 4 ملايين سوري، أي أكثر من أي دولة أخرى.